"الفن الحقيقى للتذكر هو فن الانتباه"
صامويل جونسون
هل حدث أنك خرجت ذات مرة من أحد المحال ونسيت تمامًا أين تركت سيارتك؟ هل حدث أنك دخلت غرفة ما في منزلك ونسيت تمامًا سبب وجودك فى هذا المكان؟
بالطبع جميعنا يقع في مثل تلك الأمور، ولذا كان لابد أولًا أن تعرض نفسك على أحد تمارين الذاكرة فهذا يساعدك على التعرف على نقاط قوتك وضعفك فى مجالات الذاكرة المحتلفة، فإذا تعرفت على أصل المشكلة فسوف يكون من السهل التعامل معها.
لذلك سوف أقص عليك قصة من السهل أن تستنتج نتائجها، ثم بعدها اعرض عليك تمرين لنعرف من خلاله أصل مشكلتك فى الذاكرة.
اشتكى الزوج للطبيب من أن زوجته تعاني من ضعف شديد في السمع، سأله الطبيب: إلى أي مدى وصل ضعف السمع عند زوجتك؟ أجاب بأنه لا يعرف بالضبط.
طلب منه الطبيب أن يعود للبيت ويحاول أن يعرف ذلك، ويكتشف إلى أي مدى يجب أن يكون قريبًا من زوجته حتى تسمعه، وصل الزوج إلى البيت ووقف عند مدخل الباب ثم صاح: ماذا أعددتِ للعشاء الليلة؟ ولكنه لم يسمع أي ردٍ من زوجته.
دخل الزوج إلى داخل البيت ثم وقف في الممر وصاح مرة أخرى: ماذا أعددتِ للعشاء الليلة؟ مرة أخرى لم يسمع الزوج ردًا، فدخل الرجل إلى حجرة الاستقبال ثم صاح مرة ثالثة: ماذا أعددتِ للعشاء الليلة؟ مرة أخرى لم يسمع الزوج ردًا.
أخيرًا دخل الزوج إلى المطبخ ووقف بجوار زوجته مباشرة ثم سألها مرة أخرى: ماذا أعددتِ للعشاء الليلة؟ أجابت الزوجة: دجاج! هذه رابع مرة تسألني ورابع مرة أجيب فيها !
فالدرس المستفاد من القصة أن عليك أولًا أن تتعرف على أصل المشكلة قبل أن تبدأ في إجراء التحسينات.
تمرين للذاكرة:
حدد أهم الأمور التى تميل لنسيانها، وإليك بعضًا من تلك الأمور:
- المواعيد.
- الوجوه.
- الأسماء.
- الرسائل.
- التعليمات.
- الاتجاهات.
- التواريخ.
حافلة الذاكرة:
من فضلك اقرأ الفقرة التالية بعناية شديدة:
إن كنت تقود حافلة بها أربعون شخصًا، وتوقفت عند المحطة الأولى ونزل عشرة أشخاص، وركب ثلاثة آخرون، وفي المحطة التالية نزل سبعة أشخاص وركب شخصان، ثم مرت الحافلة بمحطتين آخريين، حيث نزل أربعة أشخاص في كل منهما، وركب ثلاثة في أحداهما ولم يركب أحد في الأخرى، في تلك النقطة اضطرت الحافلة للتوقف لعطل فني ألم بها.
ولكن بعض الركاب كانوا في عجلة من أمرهم وقرروا مواصلة الطريق سيرًا على الأقدام ولذلك نزل ثمانية ركاب وعندما تم إصلاح ذلك العطل ذهبت الحافلة إلى آخر محطة ونزل باقي الركاب.
والآن بعد قراءتك للفقرة السابقة، لو سألتك كم عدد الركاب المتبقين في الحافلة أو كم عدد الركاب الذين نزلوا في المحطات المختلفة سوف تتعرف على الجواب بسرعة، ولكن ليس هذا هو السؤال، إنما السؤال هو الآتي:
كم عدد المحطات التى توقفت فيها الحافلة؟
كثير من الناس يركز انتابهه على عدد الركاب لأن القصة كانت تدور في أكثر جوانبها على الركاب ولكن البعض ينسى التركيز فهو لم يستخدم أحد أهم عناصر الذاكرة، ألا وهو الانتباه.
عناصر وطرق الذاكرة الحديدية:
هناك ثلاثة طرق تؤدى للذاكرة الحديدية منها:
· الانتباه .
· الترابط الذهني (التداعي).
· التصور.
أولًا ـ الانتباه:
كثير منا قد ينسى أسماء الأشخاص عن بداية التعرف عليهم حيث يكون منشغلًا أكثر بمراقبة الشخص الآخر الذى تعرف عليه، ومهتمًا بإصدار أحكام مبدئية، وساعيًا لخلق حوار طيب وهكذا فإنه سرعان ما تنسى اسمه.
إن الانتباه هو أهم شيء يمكنك من خلاله تحسين ذاكرتك، فعندما تنتبه إلى شخص ما فإنك حينئذ تقرر ما العناصر التي تستحق أن تتذكرها والأخرى التي يمكن تجاهلها أو إسقاطها، فمن الضرورى أن تفهم أن الانتباه ليس رد فعل منعكس أو شيئًا تلقائيًا أى أنه يجب أن تبذل جهدًا بعقلك الواعى لكى تنتبه.
وسائل تساعدك على الانتباه:
1. الاسترخاء:
إن من أهم الوسائل التى تعين على الانتباه هو الاسترخاء؛ فمن المستحيل أن تنتبه إذا ما كنت عصبيًّا أو مجهدًا، فما عليك إلا أن تتنفس بعمق لبضع ثوان ثم اعمل على إرخاء عضلات الكتف ومؤخرة العنق.
2. التفكير بإيجابية:
من الضرورى إن تؤمن أنك سوف تتذكر المعلومة؛ لأنك إن أرسلت لنفسك رسالة تقول فيها أنه يصعب عليك تذكر شيء ما، فسوف يصعب عليك تذكره فيما بعد، وإذا أقنعت نفسك أنك تملك ذاكرة سيئة للغاية، وأنها لن تتغير مهما فعل فأنت بذلك تضعف من موقفك، لذلك فإنه من الأمور الأساسية أن تؤكد لنفسك على أنك قادر على التذكر قبل أن تسعى لتسجيل أيَّة معلومة.
3. تغيير نظرتك لذاتك:
كثير منَّا من يعتقد ويبني افتراضات عن نفسه بأنه لا يتسطيع، وأن ذاكرته ضعيفة، وقد أثبتت إحدى الاحصائيات أن نسبة 87 % من الناس قد يفشلون في أداء مهمة ما بسبب افتراض مسبق لديهم بصعوبة أدائهم لهذه المهمة؛ لذلك غيِّر نظرتك عن نفسك ولا تصرح لنفسك بما هو سلبي، وتعلم من الخطوة السابقة وفكر إيجابيًّا وابنِ ثقتك فى نفسك من خلال الخطوة التالية.
4. الثقة بالذاكرة:
كلما وثقت بذاكرتك ستصبح أكثر فائدة وسيمكنك الاعتماد عليها أكثر، ولذا فإن كتابة كل شيء على الورق دون محاولة تذكره ضد كل القواعد الأساسية لبناء ذاكرة أقوى وأفضل، فإذا اضطرت لتدوين كل شيء فأنت لا تثق بذاكرتك، ولا تدربها فقد تفقد أوراقك ودفاترك، ولكن لا يمكن أن تفقد عقلك.
5. الرغبة في التذكر:
إذا أردت تحسين ذاكرتك وقدراتك على التذكر، فقوِّ رغبتك فى التذكر وأجبر نفسك على الاعتماد على ذاكرتك بالقدر الكافي لملاحظة أى شئ تريد أن تتذكره أو تحتفظ به فى ذاكرتك؛ لأن الامر يحتاج فى البداية لبعض من الجهد الضروري ولكن فى وقت قصير، ستجد أن الأمر لا يحتاج صعوبة، وبجانب رغبتك على ذلك.
6. تركيز الذهن:
إن الانتباه هو أحد دعائم القدرة على التذكر التى لا غنى عنها، فلا تشتت ذهنك وانتباهك؛ حيث يرى الباحثون أن تركيز الانتباه على أحد الموضوعات لا يحول دون قدرة الفرد على التقاط بعض الموضوعات الأخرى وتحليلها؛ ولذا احرص على تركيز انتباهك على ما تود تذكره.