عند إشارة في شارع بالبيد في جدة وكانت الإشارة حمراء وقفنا ووقفت إلى يساري حافلة صغيرة ( ماكرو باص ) واسترعى انتباهي ما كتب على الحافلة
( مؤسسة0000 للعناية بالشعر ) ولفت انتباهي سائق الحافلة ومرافقه وهما شابان لم يتجاوز عمر كل منهما الثلاثين وقد أشعل كل منهما سيجارته وقمرة القيادة تكاد أن تتلبد بسحب الدخان المتصاعد من أفواههما فطلبت بإشارة بيدي أن يفتح الذي بجواري زجاج نافذته لأتحدث معه ففتحها فقلت له :
ما شاء الله أتعملان في مؤسسة للعناية بالشعر فقال لي على الفور : نعم يا عم أي خدمة ؟ أتريد رقم الجوال أو كرت المؤسسة وبالمناسبة كانت إشارة المرور تلك من الإشارات التي أبغضها فهي طويلة الفترة لكنني في ذلك الموقف أحببتها ، المهم قلت له : هل لديكم قسم خاص بالعناية بالرئة والشفايف فقال لي : لا ، لكن الشفايف لها مرطب تجده في الصيدلية فقلت له : أليس من العقل والمنطق أيها الشاب الأنيق أن تهتم مؤسستكم بالشعر ولا تهتم بالرئتين ففطن إلى مغزى سؤالي وتبسم حياءاً وقال لي :
في هذه اللحظة اصبحت الإشارة خضراء وتعالت أصوات المنبهات كعادتنا في السعودية وبشكل مزعج وغير حضاري فتحرك وتحركت واختلف طريقانا فلم أتمكن من سماع جوابه 0
عدت إلى نفسي وقلت :سبحان الله نهتم بشعورنا ونشتري لها أنواعاً من الكريمات والشانبوهات والجل وأشياء أخرى لا أعرفها ولا نهتم بصحتنا ، ننفث سموم السجائر صبح مساء لانفكر بما تؤول إليه رئاتنا من مصير أسود ينتظرها 0 خبراء الصحة يحذرون من السجائر ويفصلون مضارها والمواد السامة الموجودة بها ونحن بغباء نمزمز السجائر حارقين رئاتنا وشفايفنا 0
سأكون أكثر جرأة وأقول : أيها الزوج المدخن إذا اقتربت من زوجتك فلاحظ وتمعن في تعبيرات وجهها فكم ستكون متأففة من رائحتك ، متقززة منك ومن فمك وأسنانك وشفايفك المتيبسة ، لاحظ ذلك فهي إنسانة تطيب لها الروائح الطيبة وتتضايق من الروائح المنتنة ، ألا تفكر بأنك تؤذي أهلك ، تؤذي المصلين ، تؤذي الملائكة
إنك بذلك تكسب آثاما مضاعفة ، لقد قال لي صديقي ذات يوم ونحن نناقش الروائح الكريهة التي تتركها السجائر في جسم وثياب وعرق المدخن فقال لي
والله لقد صليت ذات يوم في أحد المساجد وجاء رجل فوقف إلى جانبي فلم أستطع أن استمر في الصلاة فاضطررت إلى الإنسحاب من الصلاة تحت ضغط وقوة الرائحة النفاذة الخبيثة المنتنة التي تنبعث من ذلك المدخن 0
أنا ما أقدر أترك الدخان ، ألله ابتلانا ، إن شاء الله أني أتركه ، من الطفش
كل هذه عبارات يرددها المدخنون إن سألتهم لم تدخن 0
هراء لا صحة له ، كن ذا عزيمة وشجاعة واترك هذه الآفة التي استشرت بين شبابنا وشاباتنا ولعلي أختم مقالي بحادثة واقعية حصلت لأحد الشياب من الجماعة فقد كان مدخنا شرها أمضى عمره في التدخين وذات يوم انتابته نوبة سعال فظل يسعل حتى استفرغ وخرج من فمه بلغما مصحوبا بقطع من الدم ثم أغمي عليه فنقل إلى المستشفى ثم لما أفاق سأله الطبيب : منذ متى أنت تدخن فقال : وأنا صغير يا ( دختور ) باللهجة البدوية فقال له الطبيب : أنصحك بترك الدخان فهذه المرة سليمة ، عندها آلى الشايب على نفسه ألا يضع في فمه سيجارة مدى العمر ، وبالفعل ترك التدخين وتحسنت صحته وهاهو يعيش ليروي قصته مع التدخين في كل مناسبة 0
لكم أرق تحياتي وتقديري 0